الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد،
في ظل ما تمُر به بلادنا الحبيبة ليبيا من مرحلة دقيقة ومفصلية في تاريخها الحديث، نجد أنفسنا أمام تحديات متعددة تتطلب تكاتفاً وطنياً حقيقياً من جميع الأطراف السياسية والاجتماعية، واستمرار العمل الجاد لإخراج وطننا من دوامة الانقسام السياسي، والانفلات الأمني، والضغوط المعيشية، التي أثّرت على حياة المواطن الليبي وألقت بظلالها على حاضر ومستقبل البلاد.
إننا في حزب ليبيا الكرامة، وإذ نتابع عن كثب المستجدات السياسية ومساعي المجتمع الدولي والأمم المتحدة لدعم المسار السياسي في ليبيا، فإننا نثمن ما ورد في إحاطة السيدة “ستيفاني خوري”، القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا، أمام مجلس الأمن الدولي، والتي دعت إلى مزيد من الحوار والتعاون البنّاء بين كافة الأطراف الليبية، مع ضرورة التركيز على مصلحة المواطن الليبي وتحقيق تطلعاته في حياة كريمة ومستقرة.
ونُرحب بأي جهود ومبادرات تصب في صالح تعزيز الحوار الوطني، وتوحيد مؤسسات الدولة، وبناء جسور الثقة المتبادلة بين الأطراف المختلفة.
لكن في ذات الوقت، نؤكد على ضرورة الالتزام التام بمبدأ احترام السيادة الوطنية لليبيا، ورفض أي تدخل أجنبي في شؤوننا الداخلية، مع التأكيد على أن أي مساعٍ للحل يجب أن تكون نابعة من إرادة الليبيين أنفسهم، وتُراعي تطلعاتهم وآمالهم.
وفي هذا السياق، نرى أن القيادة العامة للجيش الليبي، بما تمثله من ركيزة أساسية لحماية الوطن وضمان استقراره، قد لعبت دوراً محورياً ورئيسياً في التصدي للمخاطر التي تهدد وحدة ليبيا وأمنها، وفي طليعتها التنظيمات الإرهابية والجماعات الخارجة عن القانون.
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها البلاد، إلا أن المؤسسة العسكرية أثبتت التزامها الراسخ بأداء واجباتها الوطنية، حيث كانت ولا تزال الدرع الحامي لوحدة ليبيا وضمان استقرارها.
ونشيد بالإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة الليبية لتحسين الأوضاع الأمنية، وتأمين المناطق الحيوية، ومحاربة التهريب والفساد، ما أسهم في تحسين مستوى حياة المواطن الليبي، وتخفيف الأعباء المعيشية عنه في ظل الظروف الصعبة.
إن استقرار ليبيا الأمني هو شرط أساسي لأي تسوية سياسية ناجحة، ونحن نؤكد أهمية دور الجيش في توفير الأرضية المطلوبة لتحقيق هذا الأمن.
كما نعرب عن استغرابنا ورفضنا لما ورد من اتهامات صادرة عن منظمة “رصد الجرائم”، التي زعمت ارتكاب الجيش الليبي لانتهاكات لحقوق الإنسان.
هذه الادعاءات، التي تفتقر إلى الأدلة الموضوعية وتعتمد في أغلبها على مصادر غير موثوقة، لا يمكن أن تقلل من التزام القوات المسلحة الليبية بمبادئ حقوق الإنسان، وقواعد الشرف العسكري. كما أننا نجدد دعمنا الكامل للجهود التي يبذلها الجيش في إطار تعزيز سيادة القانون ومكافحة الإرهاب، ودعوته الدائمة للسلام والاستقرار.
ومع تقديرنا للجهود التي تُبذل على المستوى الدولي لدعم العملية السياسية، فإننا نؤكد في حزب ليبيا الكرامة أن المسار السياسي لن يكتمل إلا بإرادة ليبية خالصة، تستند إلى المصالحة الوطنية الحقيقية، وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الفئوية والجهوية.
وليبيا اليوم بحاجة إلى وقفة شجاعة من أبنائها وإلى التلاحم الوطني لمواجهة التحديات الكبرى التي تقف عقبة أمام مشروع بناء الدولة.
أيها الشعب الليبي الكريم، إن حزب ليبيا الكرامة يؤمن بأن الأولوية في المرحلة الراهنة يجب أن تكون لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتأمين الحياة الكريمة لكل مواطن ليبي، والعمل على صياغة دستور شامل ومتوازن يعبر عن تطلعات الليبيين بكافة أطيافهم.
كما ندعو إلى إجراء انتخابات شفافة ونزيهة في أقرب وقت ممكن لتجديد الشرعية وبناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية سليمة.
وفي الختام، فإننا نجدد دعوتنا لجميع الأطراف الليبية إلى الالتفاف حول مشروع وطني جامع، وإلى الابتعاد عن التجاذبات السياسية والخطابات السلبية التي لا تخدم إلا أعداء الوطن.
نؤكد كذلك على أننا في حزب ليبيا الكرامة عاقدون العزم على مواصلة العمل بكل جد وإخلاص لدفع عجلة الاستقرار والتنمية، انطلاقاً من قناعتنا الراسخة بأن ليبيا تستحق منا جميعاً أن نضعها فوق كل اعتبار.
حفظ الله ليبيا، وأدام عليها نعمة الأمن والوحدة والسيادة
والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
صادر عن رئيس حزب ليبيا الكرامة
بــنغازي – بتاريخ: 17 ديسمبر 2024